بقلمي أحمد البياسي
( ما بين التدبر والفلسفة )
يصبح الفيلسوف ناضجًا حقًا عندما يرى ..
يرى الفلسفات كلها تكاملية ، ولا يتحيز لمذهب فلسفي بعينه ..
وإن الله ليجعلنا فلاسفة ..
بل يجعلنا أكثر من فلاسفة ..
” فيجعلنا متدبرين ” ..
و إن التدبر ليجعلك تؤمن ، والفلسفة تجعلك تشك ..
و التدبر يعطيك الدليل ، وإن لم يكن في نفس زمانك يحدث ! ..
” وهذا القول يخص المتدبرين على مر العصور ، الذين يقرنون تدبرهم بآيات الله ” ..
أما الفلسفة فتعمل على “الظن” .. وإنها لتختلف مع التدبر في أمور كثيرة ، وتشترك معه كذلك في أخرى كثيرة !!! ..
لكن مشكلة الفلسفة هي “الظن” ،
والظن دائماً ما يأتيه دليل علمي لينسفه نسفًا من جذوره ..
((وهذه مشكلة الفلسفة الرئيسية))
والسبب أيضًا في تعدد مدارسها التى تقام على أنقاض سابقيها ! ..
لأن الفلسفات عادة ما يغلب عليها “الأهواء” ! ، ويحدها الزمان كثيرًا ويقف عائقًا شاهقًا أمام أطروحاتها” ..
” أما التدبر المؤيد بآيات الله وأقواله لتجدن “البلاغة الفاعلة” بداخله تتلألأ ، سواء “آيات كونية مخلوقة” ، أو” آيات إخبارية متنزلة” ..
أيضًا وبسهولة تستطيع استكشاف ذلك من خلال “النص القرآني” (خاصة) ،(والديني عامة )..
وحين تتدبر ستجد دائماً العلوم في النهاية تخضع أمام الآيات ، مهما طال استنكار العلوم ، وفلسفاتها المادية لتلك الآيات .. ،
و إن النص القرآني لتجد صلاحيته نافعه حين تتدبره ، وتعقد مقارنه بينه وبين العلوم المؤيده له ..، وهنا تلمس رونق الإله ، وإبداعه ، ولسوف تجد هذا البريق لهو جوهر الصلاح والنفع لكل زمان ، ولكل إنسان ..
وهذا التدبر المؤيد بآيات الله ينتج مالا تستطع الفلسفة عمله !! ، وهو ما أسميه
” توحيد المنهج ” ..
فهذا ”المنهج المتوحد الأصلي” ، يمنح ” الفلاسفة المتدبرين ” في مختلف العصور إمكانية الحصول على
” المبدأ الأول ”
الخاص بهم ، وهو المستخلص من “دين ، وقيم ، وعلوم ، وفنون ، وجماليات ” .. حتى ولو اختلف
“الفلاسفة المتدبرين” ..، فيما بينهم وأصبح لكل منهم “مبدأ أول ” ، حسب رؤية خاصة تامة ..
فإن ذلك المبدأ يكون به من المرونة ما يمكنهم من الارتداد إلى أحكام
” المنهج المتوحد الأصلي”
والذي هو بمثابة الأرضية المشتركة التي تجمعهم .. فلا تجد هدم للرؤى كالذي تجده عند معتنقي الفلسفات المختلفة ، والتي هي جوهرها “المادية” ..
و إني لأرى ” العلوم ، والفنون أشبه بالخراف ، والماعز ” ..،
”والدين والقيم والجماليات بمثابة الراعي” .. ،
وأن “الفلسفة التفكيكية المتدبرة”
هي بمثابة ” عصى الراعي ” ،
تلك التي تعمل على توحيد الأغنام داخل قطيع مطيع ، وإن سهو الراعي ، أو فقدانه عصاه لكفيل بأن يجعل القطيع يضل طريقه ، ولسوف تحكمه الذئاب ، وهي تتسلى بشحمه ، ولحمه .